المناظرة الرابعة قبل انتخابات الرئاسة الإیرانیة… هجوم ثلاثی على بزشکیان

تناولت المناظرة الرابعة لانتخابات رئاسة الجمهورية الإيرانية المقبلة الموضوع السياسي، وحملت عنوان "إيران في عالم اليوم"، وقد بُثّت مساء الإثنين بحضور المرشحين الستة، حيث بدأت بتوجيه أسألة المختصّين للمرشحين عن برنامجهم بشأن تعزيز السياسة الخارجية الإيرانية والاستفادة من القدرات والفرص.

المناظرة الرابعة قبل انتخابات الرئاسة الإیرانیة… هجوم ثلاثی على بزشکیان

وشملت النقاشات مواضيع عدة كان أبرزها الاتفاق النووي وانضمام إيران لمجموعة العمل المالي.

وجاء في تصريحات المرشح الإصلاحي مسعود بزشكيان في هذه المناظرة: “أولئك الذين يقولون إنّ الاتفاق النووي ليس جيدًا، عليهم أن يخبروني إذا كان لديهم حل آخر. أعتقد بأنّ الاتفاق النووي له مميّزاته وعيوبه، لكنني لا أوافق على إحراقه”.

وأضاف بزشكيان في نفس الإطار: “لقد أعلنتُ السياسات العامة لبرنامجي منذ البداية، وأنا أسير في نفس الاتجاه. ألم يقولوا إنّ الاتفاق النووي لا علاقة له بأموال اللحوم والدجاج؟ لماذا ارتفعت أسعارها إذن؟ كان من المفترض أن يُعالج التضخّم، لماذا لم يحصل ذلك”؟

ودعا بزشكيان للجلوس وحلّ المشاكل والخلافات بين التيّارات السياسية، مؤكدًا أنه من دون خطة العمل المشتركة الشاملة ومجموعة العمل المالي، لن يكون ممكنًا حل المشاكل حتى مع الدول المجاورة.

وأشار المرشح الإصلاحي إلى أنّ الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي كان هو نفسه يسعى أيضًا إلى تطبيق خطة العمل الشاملة المشتركة، مضيفًا أنه إذا تمّ تنفيذ السياسات العامة للقائد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، يمكن حل المشاكل بوجود الأشخاص الأكفاء.

وأردف بزشكيان: “الآن، يُعدُّ النفط والغاز وكذلك الوضع الجيوسياسي من مزايا اقتصاد البلاد، بينما يمكننا أن نكون في ممر العبور بين الشرق والغرب ونجلب معظم المزايا في مجال السياحة والنفط والغاز للشعب والبلد. ولكننا لم نستطع أن نحقق ذلك؛ لأننا نتقاتل مع أنفسنا ومع من هم في منطقتنا”.

وأكمل: “إذا أردنا حلّ المشاكل الاقتصادية لبلدنا، وكذلك علاقتنا مع العالم، وأن نكون قادرين على الازدهار، فيجب علينا حل مشكلة العقوبات القاسية بمختلف الأساليب المتاحة. يتعيّن علينا الانتهاء من تنفيذ مقررات مجموعة العمل المالي ذات يوم، لأننا حاليًا نشتري بسعر مرتفع ونبيع بسعر منخفض. لدينا اتفاق مع الصين للمجيء والقيام بشيء ما، لكن لماذا لا يفعلون أي شيء؟ إذا لم نحل مشاكلنا في الساحة الدولية فلن يفعلوا لنا شيئًا، وهذه القضية واضحة جدًا. إذا كانت الصين والعراق وروسيا ستتعاون معنا، فيتعيّن علينا أن نعمل على إصلاح المعايير الدولية؛ لقد انضممنا إلى مجموعة بريكس واتفاقيات شنغهاي، ولكن لماذا لا يمكن مقارنة صفقاتنا مع اتفاقيات أخرى؟ علينا أن نؤمّن حصتنا في السوق من خلال الحوار مع جيراننا، وكذلك من خلال الوحدة والتماسك الداخليين”.

وذكّر بزشكيان بأنّ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لم يريدا خطة العمل الشاملة المشتركة، وسأل: “أخبروني كيف أحلّ المشاكل”؟

بدوره، لفت المرشح الآخر للرئاسة علي رضا زاكاني إلى أنّ العالم بدأ يتغيّر، محذّرًا من أنّ إيران لا تستطيع تحقيق موقع قوة مناسب في المنطقة والعالم بنماذج وأساليب قديمة.

وشدّد زاكاني على أهمية الرد العسكري الذي نفّذته إيران ضدّ إسرائيل منذ أشهر، والتي حملت اسم عمليّة “الوعد الصادق”، وعمليّة “طوفان الأقصى” التي نفذتها الفصائل الفلسطينية في السابع من تشرين الأوّل/ أكتوبر 2023.

وبرأي زاكاني، فإنّ ما حدث في هاتين العمليّتين غيّر معادلات المنطقة، وقال: “يجب أن نستخدم كامل طاقتنا، وبدلًا من الاعتماد على الآخرين، علينا أن نجعل الآخرين يعتمدون علينا”.

وتابع: “يجب ان ننتقد الاتفاق النووي، لأنه لم يحل أي مشكلة للبلاد، بينما تمكّنت حكومة رئيسي من زيادة مبيعات النفط للبلاد بمقدار 7.5 مرات من دون الاعتماد على الاتفاق النووي. وعلى الرغم من العقوبات، فقد وقّعنا مذكرة تفاهم بقيمة 13 مليار يورو واتفاقية بقيمة مليارَيْ يورو مع الصين”.

وهاجم زاكاني الإصلاحيين ووزير الخارجية الإيراني السابق محمد جواد ظريف متسائلًا: لماذا تكذبون على الشعب بشأن اللقاح؟ لماذا لا توافق؟ رسالة السيد ظريف إلى الشهيد رئيسي متاحة الآن”.

وأضاف: “في ما يتعلّق بخطة العمل الشاملة المشتركة، فإنّ تقارير اللجنة المعنية متوفّرة في البرلمان، وتخبرنا إننا كنّا على حق. لم تكن خطة العمل الشاملة المشتركة ما أراده القائد الأعلى للثورة، ثم قالوا في تجمّع الطلاب إنّ الخطوط الحمراء لم يتم تجاوزها. يُرجى قراءة تقارير السيد ظريف المُقدَّمة إلى البرلمان لمدة ثلاثة أشهر وستة أشهر وتسعة أشهر، فهو يقول فقط إن ذلك لم يحدث ولم يحدث. لماذا نسينا؟ بل على العكس من ذلك، قالوا للشعب إنه سيتم رفع جميع العقوبات. لذلك، لا بدّ من انتقاد خطة العمل الشاملة المشتركة”.

من جهته، ركّز المرشح الأصولي سعيد جليلي على الفرص الكبيرة التي تتيحها مسألة السياسة الخارجية، حيث صرّح: “نحن بحاجة إلى النظر إلى العالم كله.. على رئيس الجمهورية أن يفهم المشاكل جيدًا، وألا يتّخذ قراراته بناءً على الكلام الذي يلقّنه الآخرون. وعلى الرئيس أن يعرف ما يريد فعله”.

وشدد جليلي على وجوب الاهتمام بالقواسم المشتركة ، وبالفرص في العلاقات مع دول العالم، مشيرًا إلى أنّ أحد أهم أجزاء هذه الفرص هو السياسة الخارجية.

وقال: “هناك العديد من الدول في العالم التي لديها مجالات عمل مشتركة معنا، وخاصة في مجال الاقتصاد. يجب أن يكون لدينا الحد الأقصى من العلاقات الاقتصادية مع جيراننا. ولا ينبغي لنا أن نتجاهل البلدان القادرة على خلق الفرص لنا، من أميركا اللاتينية إلى أفريقيا”.

وأردف: “إنّ الطريقة التي يتم بها التوصّل إلى الإجماع في السياسة الخارجية هي أننا يجب أن نحصل أوّلًا على تشخيص صحيح. وبينما يثير السيد بور محمدي مسائل خاطئة في ما يتعلّق بمجموعة العمل المالي، فوفقاً للخطاب الذي قدمته، جاءت مشكلة هذه المجموعة بعد ثلاث سنوات. تريد أن تصبح رئيساً، كيف تثير الموضوع وأنت لا تعرفه؟ فريق العمل المالي نفسه والسيد الطيب نيا يقول في هذا الصدد إنه نفّذ معنا 41 بندًا وسننفّذ 39 بندًا، وبعد ذلك تقول إنّ الأمور لا تسير، ومن ثم يقول المتحدث الرسمي باسم الحكومة إنّ الحظر ومجموعة العمل المالي يمنعان شراء اللقاحات”.

وتابع المرشح الأصولي: “أنت توقّع على مجموعة العمل المالي، بدل أن تكون دائنًا، تجعل البلد مدينًا، لقد وقع الفساد، وألحقتم الضرر بممتلكات الوطن وعاصمة الوطن، ولا بد من محاكمتكم أمام المحكمة، ويجب أن تُحاسبوا على سلوككم”.

وأكمل جليلي: “لقد أتيتم وخصّصتم أموالًا كثيرة للشركات الصورية وأخذوا امتيازات، وأنتم تسمّون هذا عملًا اجتماعيًا – سياسيًا، هذا إذا كنتم لا تعرفون الموضوع، وتعطون تشخيصًا خاطئًا ووصفة خاطئة”.

أما المرشح أمير حسين قاضي زاده هاشمي، فقد أكد أنّ سياسة إيران كانت دائمًا هي إحلال السلام ومنع التدخل الأجنبي، منتقدًا سياسات حكومة روحاني بقول: “في نهاية حكومة روحاني، لم يكن وضعنا جيّدًا، حيث قطعت البحرين وجيبوتي علاقاتهما معنا”.

وفي المقابل، أشاد قاضي زاده هاشمي بدور رئيسي ووزير الخارجية الإيراني الراحل حسين أمير عبد اللهيان في تحسين أوضاع السياسة الخارجية لإيران، مذكّرًا بأنه “تم إطلاق سراح السيد نوري والسيد أسدي وفقًا للسياسة الخارجية لحكومة الشهيد رئيسي”.

وتابع: “لقد أثبت رئيسي وعبد اللهيان أنهما أتقنا التفاوض. تحسّنت العلاقات مع السعودية في هذه الحكومة، وتم حل بعض خلافاتنا مع مصر، وتم التوصل إلى بعض الاتفاقيات التشغيلية مع الهند وروسيا والصين، كما تم انضمام البلاد إلى منظّمَتَيْ بريكس وشانغهاي”.

وفي السياق، تحدث المرشح مصطفى بور محمدي عن تأثير تعزيز السياسة الداخلية على السياسة الخارجية، منوّهًا إلى أنّ السياسة الخارجية هي امتداد للسياسة الداخلية.

وأضاف بور محمدي: “إذا كنّا أقوياء محليًا، يمكننا تحقيق وترسيخ أهدافنا على المستوى الدولي. السياسة الخارجية تتماشى مع السياسة الداخلية. إذا كنا أقوياء في الداخل، يمكننا أن نحقق أهدافنا ونثبّتها على الساحة الدولية”.

وتابع: “إحدى القضايا المهمة في مجال الدبلوماسية هي الدبلوماسية الاقتصادية. ولحسن الحظ، أحرزت الاتفاقيات الإقليمية تقدمًا جيدًا في ظل حكومة رئيسي”.

أما المرشح محمد باقر قاليباف، فقد لفت إلى أنه بحال فوزه سيتابع المفاوضات بشأن الملف النووي كما فعل رئيسي، كما سيسعى إلى أي اتفاق يوفر فائدة اقتصادية، مضیفًا أن سياسته الخارجية وسياسته الداخلية ستكونان مرتبطتين مع بعضها البعض، وأنه هناك حاجة لإجماع وطني.

وفي إشارة إلى مسألة العقوبات الجائرة ضد طهران، أكد قاليباف على قدرة دول “بريكس” ومنظمة شنغهاي للتعاون على تحييد العقوبات، وقال: “لدينا فرص كبيرة في أوراسيا وشانغهاي وبريكس.. نحن محرومون من دخلٍ ضخم في مجال النقل الجوي، لكن يمكن تعويض ذلك خلال عام، وسننشئ عاصمتنا الاقتصادية الثانية في تشابهار”.

وعن إحياء الاتفاق النووي، صرّح قاليباف: “إذا تم تحرير مبيعاتنا من النفط، فيمكننا إعادة تنفيذ البروتوكول الإضافي؛ و إذا رفعوا القيود عن موانئنا وتأميننا ومصرفنا المركزي، فسنعود الى جميع التزاماتنا”./الكاتب: ذلفا معيل